" دور التصوير الجداري في تجميل الابنية الدينية (دراسة تطبيقية)

الفنون الإسلامية تراث عميق الجذور وإستخدام الزخارف الإسلامية في الأعمال الجدارية على الأبنية الدينية، موروث تشكيلي خصب، تختلف صياغته بإختلاف رؤية وتجربة الفنان ، وعليه تتوقف عوامل نجاح العمل الجداري من حيث تعبيره عن وظيفة المبنى المعماري ، ، ومدى إندماجه مع البيئة المحيطة من ناحية. ومدى تفاعل المتلقي معه من ناحية أخرى ، فالتجربة الجمالية لن تكتمل إلا بطرفي المعادلة ، العمل الفني والمتلقي . لذلك تم تنفيذ هذا العمل على واجهة المسجد الموجود في حديقة قصر جناكليس ، بمبنى قسم التصوير كلية الفنون الجميلة ، وقد وقع إختيار الباحثة على هذا المكان تحديدا لإفتقاره لاي لمسه جمالية تعبر عن وظيفة المبنى المعمارية .  حيث رأت الباحثة ضرورة تنفيذ عمل جداري يحمل سمات الفن الاسلامي، وذلك للعمل على إعلاء القيمة الجمالية للمكان ،وتأكيد هوية المبنى المعماري. ولإدراك الباحثة أن نجاح ذلك العمل يتوقف على الذائقة الجمالية ، ومدى الوعي الفني لدى المتلقي ، حيث يقع هذا العمل داخل حقل فني -  كلية الفنون الجميلة  - مما يعني أن الثقافة الفنية هي جزء أساسي وأصيل لكل متلقي لهذا العمل ، لذلك رأت الباحثة ، أن تلك الجدارية بموقعها المتميز والحساس ، هي مجال خصب ، وفرصة جيدة لتنمية مهارات التفكير والخوض في جدليات فكرية،  يمكن أن تستثيرها لغة الشكل الأثيرية للزخارف الإسلامية التقليدية ، بعناصرها الثرية ، والطيعة القابلة للتحوير، وإعادة صياغتها بلا حدود . إن علاقة التصوير الجداري بالمبنى المنفذ عليه - وهي مسجد الكلية - هي علاقة تكاملية يوضح كل منهما هوية الاخر، ويؤكد خصائصه . لذلك إستخدمت الباحثة الزخارف الاسلامية كعنصر تشكيلي أساسي في التصميم،حيث بدأت في اعادة تشكيل تلك الزخارف وتحويلها الى اشكال مبسطة ، بأساليب مختلفة ومتنوعة، بما فيها من إختزال للعناصر ،حيث قامت الباحثة بعمل العديد من الدراسات التحضيرية للتصميم واهدت الى ان علاقة الجزء بالكل وعلاقة الاندماج والانفصال في مشهد واحد  مع بلاغة التأثير من خلال إتزان وإرتباط عناصر العمل الفني ككل، سوف يمنح التصميم العام دلالة جمالية في بناء شكل العمل الجداري وحركته وإيقاعه. فطبيعة المكان لاتحتاج الى عمل مليئ بالتفاصيل إو التعقيدات سواء في التصميم أو الخامة .فالأشكال المختزلة البسيطة الدالة في نفس الوقت هي أسرع الاشكال إدراكا ، و قبولا  لدى المتلقى، فالإنسان يتطلع دائما إلى معرفة الحقيقة الكاملة في أقصر وقت وبأقل جهد، دون أن يشتت إدراكه بموضوعات فرعية  وبالتالي يكون أكثر تجاوبا" معها .
لذلك جاء التصميم بسيط في مفرداته، إلا أنه يحمل قيما بصرية عالية رغم شدة التلخيص به ، حيث أن المربعات والمستطيلات والدوائر قد نسقت لصنع إيقاعات متتالية تحقق الأبعاد برؤية مختلفة إعتمدت على تنظيم الوحدات التي تقع في المجال البصري للمتلقي، بحيث تتوافق هذه الوحدات التصميمية المختلفة وترتبط بعضها البعض . هذا الترآبط من شأنه خلق نوع من الديناميكية في العمل الجدآري. وقد وضعت البآحثة في إعتبارها عند إختيار المكان المقومات والمؤثرات الخارجية التي من خلالها يتم مرآعاة عامل الزمن الذي يحدد فترة إستيعاب رؤية العمل الجداري ، حيث تتوقف تلك الفترة على مكان وجود هذا العمل والفراغ المحيط به ومدى المساحة التي تتيح للمتلقي رؤية العمل من خلآلها . وقد كان لضيق المساحة - نسبيا – التي يوجد بها العمل حيث أن المسجد مبني أمام ممر لا تتعدى مساحته ثلاثة امتار، مما يعنى أن زمن رؤية هذا العمل تنحصر في تلك المساحة فقط حتى يتم إستيعابها من قبل المتلقي . لذلك راعت الباحثة عند وضع التصميم ومفرداته أثره على سيكولوجية إدراك المتلقي طبقا لزمن رؤيته ، وذلك من خلال التركيز على أبعاد العمل الجداري البصرية بإيقاعاتها وإتجهاتها كدراسة اللون والخط. وتعتمد بنائية العمل على المزاوجة ما بين الخطوط المنحنية والمستقيمة في تكوين بنائي من أجل إستحضار القيمة التعبيرية للشكل العام  لزخارف الفنون الاسلامية.