القيم الجمالية والوظيفية للساحات المحيطة بالمساجد التراثية.

وتعتبر الساحات المحيطة بالمساجد التراثية جزءاً لا يتجزأ من هوية هذه المساجد، حيث تراكمت فيها العديد من الطبقات التاريخية. ولذلك كانت هذه الساحات شاهدة على حضارات وأحداث متعاقبة. إنه عنصر لفهم مجال التراث ومحيطه. ولا تعد الساحات مناطق للوصول أو العبور إلى المسجد فحسب، بل تعتبر منطقة رئيسية ومنشأة حيوية للحركة والتفاعل والتواصل وممارسة الشعائر والعادات الدينية. يبدأ التصميم الجمالي للمدينة بالتشكيل الفني والتصميمي الإبداعي والناجح لساحاتها، وخاصة الساحات ذات الطابع التراثي. إن دراسة وتحليل وتطبيق المحددات البصرية والجمالية بشكل دقيق يؤدي إلى خلق تصميم يرفع كفاءة الموقع بأكمله والمدينة بشكل عام. علاوة على ذلك، فإننا نعمل على الدراسة التكاملية في جميع الجوانب الهندسية والجمالية (التخطيط الحضري، عملية التصميم). الاهتمام بالتفاصيل المطلوبة والعناصر التي تصنع الساحات المميزة حتى تتناسب مع الشكل الجمالي العام. تظهر هذه الأمثلة الناجحة بشكل واضح وواضح في الساحات والميادين في العديد من المدن الغربية. كما أن عدداً كبيراً من ساحات المساجد القديمة، وخاصة تلك الموجودة في أحياء القاهرة الإسلامية، متهالكة. ومع مرور الوقت، تعرضوا لأحداث وتعديلات تعسفية قللت من قيمتهم وقدراتهم. تتبع غالبية خطط الصيانة والإصلاح الخاصة بهذه الساحات التاريخية أساليب وسياسات تقليدية معينة. وكثيراً ما تتعارض هذه الخطط مع معايير تطوير التراث والحفاظ عليه ويكون لها تأثير ضار. علاوة على ذلك، فإنها لا تحدد مفاهيم التصميم المناسبة لمواقع معينة. لا يتم دمج مسؤوليات المخطط والمصمم معًا. إنشاء إطار تعاوني يسمح لهم بوضع مبادئ التصميم لتلك الأماكن الفريدة ودعم الرؤية البصرية الإبداعية. تعتبر السلوكيات والأنشطة البشرية مكونات أساسية للمواقع التراثية، وهي من مكونات التراث العمراني الذي يتميز بثراء فني وثقافي.
أهمية البحث: إن الاهتمام بدراسة إمكانيات الساحات التراثية الجمالية ومدى تكاملها مع الجانب الوظيفي يخلق تكاملاً في التكوين البصري العام للمكان. وهو من الأمور المهمة التي يجب مراعاتها عند القيام بمشاريع التنمية التراثية، خاصة عندما لا يكون هناك اهتمام كاف وينعكس نقص العنصر الجمالي في تدهوره. وتتكون هذه الفضاءات من محددات بصرية وعناصر تنسيقية لا يمكن تجاهلها وأخذها بعين الاعتبار مما يحقق الراحة والأمان لمستخدميها، ويؤكد على دور الفن التطبيقي وظيفيا وجماليا. ولا تختلف عملية تصميم هذه الساحات عن تصميم أي عمل فني. كما أنها ستساعد في تجنب الممارسات العشوائية التي تزعج السكان والزوار، والتي تشوه وتقلل من قيمة وجودة المكان. وهذا بدوره سيضيف فائدة كبيرة لمختلف المجالات، كمجال السياحة الدينية، وسيعززه بشكل إيجابي. وتشكل هذه المساجد التراثية ثروة وطنية ودينية كبيرة، وهي مقصد للزائرين من مختلف بقاع الأرض، لذا فهي تحتاج إلى رؤية مبتكرة تتناسب مع قدسيتها.
مشكلة بحث: العديد من هذه الساحات التابعة للمساجد القديمة، خاصة تلك الموجودة في أحياء (القاهرة الإسلامية)، أصبحت في حالة سيئة وتأثرت مع مرور الوقت بالتطورات والتغيرات العشوائية. ولذلك، تم تقليل مساحاتها ووظائفها بمرور الوقت. ونجد أن معظم أعمال الصيانة والتجديد لهذه الساحات التاريخية لها أسلوب وسياسة محددة وتقليدية، والتي كثيراً ما تتعارض مع معايير الحفاظ على التراث وتطويره وتتأثر به سلباً. لا يوجد تكامل بين أدوار المصمم والمخطط للعمل على إيجاد نظام تعاون مشترك بينهما للوصول إلى مبادئ التخطيط والتصميم التي تبرز الأسلوب المتميز لتلك المواقع وتكمل الرؤية البصرية بشكل متوازن. بينما تعد المواقع التراثية من عناصر التراث العمراني التي تتميز بغنائها الفني والثقافي لارتباطها بالسلوكيات والأنشطة الإنسانية المختلفة. تعتبر مشكلة تطوير المناطق التراثية مشكلة عالمية، إذ تأثرت سلباً بالتطورات والمتغيرات التي شهدها العالم. وهو ما دفع المختصين في العالم المتقدم والعديد من الجهات المعنية إلى وضع مواثيق ومعايير ومبادئ توجيهية دولية للعناية بهذه المناطق التراثية والعمل على الحفاظ عليها وتطويرها لتصبح جزءاً مهماً من خطط التنمية العمرانية لديها
أهداف البحث: وتنقسم أهداف الدراسة إلى الأهداف التالية: 1-     توضيح أهمية الحفاظ على هذه الساحات التاريخية. • دعم القيمة التاريخية لهذه الأماكن من خلال نقل المعاني الثقافية والحضارية عبر الأجيال. • حماية هذه المواقع التراثية من عوامل التدهور. 2-     التصميم الوظيفي الذي يهتم بوضع رؤية تصميمية وبرنامج تصميمي يبرز دور هذه الساحات والاستفادة منها: تفعيل دور العناصر الجمالية البصرية لدى المستخدمين الماديين والمرئيين والتي تؤكد على خصائص المكان وتسهل استخدامه. الاهتمام باحتياجات المستخدمين غير المرئية، مثل الاحتياجات النفسية والفسيولوجية والروحية.
فرضية البحث: ويهدف البحث إلى التأكيد على أن الاهتمام بهذه الساحات والارتقاء بها من خلال تصاميم مبتكرة وسياسات متطورة سينعكس إيجاباً ويساهم بشكل كبير في رفع جودة المكان وتحسين جودة حياة المستخدمين والمقيمين بالإضافة إلى الحفاظ على التراث.
النتائج: تختلف الساحات العامة حول العالم من منطقة إلى أخرى بسبب سياقها الثقافي والتاريخي. ولذلك فإن مشاكلهم مختلفة. إن تطوير المناطق التراثية مشكلة عالمية، لأن التطورات والتغيرات في العالم أثرت سلباً على هذه المواقع. وهو ما دفع المختصين في العالم المتقدم والعديد من الجهات المعنية إلى وضع معايير وإرشادات عالمية للعناية بهذه المناطق التراثية