تأثير التراث المعماري الفاطمي على التصميم المستدام للواجهات المعمارية المعاصرة

إن حضارة الأمم لا تقاس بما لديها من تطور علمي وتقني واقتصادي فقط، بل تقاس بما لديها من إرث وتاريخ زاخر بالتراث، وقدرة أبنائها في المحافظة على ذلك الإرث وتحديثه كي يواكب التطور الطبيعي للمجتمع، والتراث المعماري الإسلامي في واقعه التاريخي بمثابة الإنجاز الحضاري الذي يبلور لنا إلى حدّ كبير، ملامح الشخصية الحضارية الإسلامية في عصورها الزاهرة، إذ حمل هذا التراث في مفرداته البصمات الحية لهذه الشخصية المتميزة في كل مناحي الحياة. وتعتبر فترة  الخلافة الفاطمية من أزهى العصور الإسلامية التي ظهرت فيها نهضة معمارية كبيرة،  وتظهر أهمية عمارة العصور الإسلامية في مصر دون غيرها من العمارات القديمة كالعمارة الفرعونية والعمارة القبطية وغيرها، فعمارة العصور الإسلامية في مصر وما بها من تلك القيم الحضارية مازالت في معظمها صالحة لعصرنا لأن المجتمع المصري يحتاج إلى عمارة تنبع من الأسس التي تقوم عليها من الدين الإسلامي الحنيف، لا منقولة من مجتمعات غربية بطبائع غريبة عن المجتمع الإسلامي بالإضافة إلى أن العمائر الإسلامية بمدينة القاهرة ترتبط بمجموعة من القيم التاريخية والمعمارية والفنية التي كان لها دور بارز في مجال العمران حفظته لنا الشواهد الأثرية الباقية إلى يومنا هذا ومن هنا أصبحت هذه العمائر تندرج تحت عدة مفاهيم كالتراث والموروث والأصالة والأثر. وشهد التراث المعماري حالة من التدهور بما يشمله من مجموعة من المباني ذات الأنشطة المتعددة التي تمثل ثروة قومية وواجهة حضارية لمصر ، وعمليات الحفاظ  وإحياء  وترميم التراث المعماري عملية متكاملة ومستدامة ولا يجب أن تتوقف عند الترميم والحماية والصيانة أو حتى إعادة التوظيف لبعض المباني وحسب وإنما كشف القيم الجمالية والفنية والتاريخية لهذا التراث وإحيائه في العمارة الحديثة وبالرغم من اتفاق الجميع على أهمية الحفاظ على التراث المعماري إلا إن محاولات الحفاظ عليه تتعسر في مواجهة احتياجات التطوير المعماري الحديثة ويعتبر البعض الحفاظ على التراث عائق نحو التقدم، وتكمن مشكلة البحث في تدهور حالة الأبنية الأثرية المعمارية في القاهرة الإسلامية في العصر الفاطمي ، و نقص الوعي الثقافي الأثري تجاه العمارة الفاطمية وتطور الفكر المعماري الغربي بالاستفادة من التطورات التكنولوجية في وسائل التشييد والبناء والانبهار بالعمارة الغربية ومحاولة تقليدها حرفيا بما لا يتلاءم مع بيئتنا وظروفنا الاجتماعية والاقتصادية،  لذا فإن الحفاظ على هذا التراث  وأحيائه  أحد أهم الإشكاليات التي تواجه المجتمعات حتى تمكّنها من مواجهة تيارات العولمة وتغيير المجتمع وتركز هذه الدراسة على أهمية  إحياء التراث المعماري ، ودراسة الاستراتيجيات الخاصة بالحفاظ علي التراث المعماري فيها  والارتقاء به  والاستفادة  من التجارب العالمية في  المحافظة عليه وعلى القيم المرتبطة به  للنهوض به وإحيائه وحمايته مما يتعرض له بسبب الغزو الثقافي والتطور التكنولوجي الذي يعمل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على طمس الهوية وتذويب معالم الشخصية الإسلامية العربية. واستخدم البحث استراتيجية جديد لإحياء التراث وجمالياته بالاستفادة منه واستلهامه في واجهات العمارة المعاصرة ومد جسور التواصل بين الماضي والحاضر حيث تم ابتكار 15 تصميم بمجموع (46 فكرة) لتصميمات واجهات معمارية نحتية لمباني متنوعة الاستخدامات، مستوحاة من الزخارف المعمارية الفاطمية باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي مثل المطاعم والفنادق والقرى السياحية والتراثية والمسارح والمتاحف وقاعات عرض الفنون التشكيلية وناطحات السحاب وجميع أنواع العمارة المعاصرة. وأكدت التصميمات المبتكرة هوية العمارة الإسلامية وتوافقت مع الواجهات المعمارية  الحديثة وجمعت بين الأصالة والمعاصرة ، ومن أهم نتائج الدراسة إمكانية تجسيد  الزخارف المعمارية الفاطمية  في ابتكار تصميمات نحتية معمارية تستخدم في تجميل  الواجهات وتميزت تصميمات الواجهات المبتكرة بالتوازن والإيقاع والوحدة والتأكيد على الهوية للمبنى ، أكد البحث على ضرورة الاستفادة من التراث الإسلامي بشكل عام والتراث المعماري الفاطمي بشكل خاص  وتجسيده وإحيائه في العمارة المعاصرة حيث تحتاج الاتجاهات المعمارية الحديثة إلى توفير خصائص جمالية من أجل تحقيق توافق المبنى مع البيئة المحيطة من خلال ربط العمارة بالفنون .