اشکالية التواصل بين المصمم والمتلقى وعناصر التجميل البيئى "رؤية وتوجه نحو صياغة أدوات لتفهم عملية التجميل البيئى"

تتجسد العملية الإبداعية فى ثلاثة أرکان أساسية وهى المصمم والمتلقى والنتاج المعمارى، حيث أن الأول ينقل تجربته وفکرته من خلال عملا فنيا أو معماريا ولا يمکن لهذه التجربة أن تحيا دون أن يکون لها مستقبل ،وهذه التجربة تکون على شکل ناتج ابداعى يحمل قيم الأصالة والجمال والنفعية وغيرها من السمات الإيجابية التى يقررها المحيط البيئى وفق حکم تقويمى، وهذا يعنى أنه لا تکتمل فعاليته الا بحضور المتلقى الذى يمکن اعتباره شريکا حقيقيا فى اعادة الخلق المعمارى، الذى يسعى دائما للوصول الى مقاصد المصممين وتحديد ملامحها، ولا تکتمل العملية الإبداعية الا بعد قياس مدى ملائمة المصمم فى التعبير ومدى فهم المتلقى للمنتج ومدى ملائمة المنتج فى تجسيد قدرة المبدع على الإستغلال الأمثل للطاقات المعمارية الموجودة داخل البيئة ومدى الإستفادة من المنتج للمستعملين سواء زوار أو سکان أو حتى عابرين ،وبالتالى نجد أن المشاريع المتميزة تعتمد على الفهم الذى يجعل الشکل قادرا على نقل الرسالة المقصودة ،فإشکالية التواصل بين المصمم والمتلقى ظاهرة جديرة بالدراسة من قبل المهتمين بالتجميل البيئى، لفهم کيفية التناول الفنى والتعامل مع المناطق العمرانية على اختلاف أنواعها، بهدف الوصول الى الطرق العلمية الصحيحة فى التخطيط الجمالى للمدن، والکشف عن الأدراک الواعى للمصمم لحل إشکالية تلقى الصورة المعمارية، حيث تظهر أهمية البحث فى توحيد وإنصهار حالة الملائمة بين المتلقى مستعملا والمبدع مصمما أو معماريا من خلال المنتج الفنى الذى تکتسب من خلاله المدن قيمة ثقافية واجتماعية وتاريخية وإقتصادية . والظاهرة موضوع البحث هي أن التجميل البيئى يعد عملية ذهنية متکاملة تقوم على معالجة معطيات متعددة بهدف الوصول الى أفضل منتج معمارى، ولا شک أن کثرة المعطيات لا يعنى أنها جميعا ذات أهمية متساوية، وتأتى إشکالية التلًقى من المعطيات الأساسية فى عملية التجميل البيئى، حيث أن الصورة المدرکة يشترک في تحديدها کل من المصمم المتلقى والمفردة المعمارية، وتتغير هذه الصورة بتغير اى منهم، وبما أن المتلقى هو جوهر العملية الإبداعية وغايتها الأساسية، فمن الضرورى دراسة فهمه وتأثره بالمحاکاة لتحقيق ما يؤثر فيه ويربطه بالمفردة المعمارية بدرجات متفاوتة بين متلقى وأخر تعکس الإستعداد النفسى لکل منهما وحسب ثقافته وإمکانياته الفنية وظروفه الإجتماعية.